حوادث الطرق في قطر

نجحت استراتيجية قطاع الأمن والسلامة في تخفيض معدل الوفيات. أما معدل الإصابات البليغة وحوادث سيلين فتتطلب استمرار العمل.

كاريكاتير محمد عبداللطيف

كاريكاتير محمد عبداللطيف

ما إن ننتهي من واجب العزاء لأهل الشاب المتوفى وندعو لهم بالصبر والسلوان، ونعود لحياتنا وأعمالنا قليلا حتى يصلنا خبر حادث أليم آخر (هذا إن لم نكن نحن من نقبل العزاء في فقيد).

تمثل الإصابات الناجمة عن حوادث المرور ثامن أكبر مسبب للوفاة عالميا (٢% من الوفيات). وهي السبب الأول لوفيات الأطفال والبالغين (من ٥ إلى ٢٩ عام)، معظمهم من الرجال. أما في قطر، تصل نسبة وفيات المرور إلى ٧% من الوفيات السنوية، ٥٤% منها أعمارهم أقل من ٢٩ عام.

إنفوجرافيك منظمة الصحة العالمية

إنفوجرافيك منظمة الصحة العالمية

وتحرص وزارة الداخلية بشكل دوري من خلال الصحف المحلية وحسابها في تويتر على نشر مؤشرات أداء الوضع المروري في دولة قطر، مظهرة تحسنا في السنوات الأخيرة. وفي حين تبدو بعض النتائج مؤخرا مقبولة أو مطمئنة (كأرقام مقارنة بالأهداف التي تم تحديدها)، لا بد من تحليل شامل وعميق للبيانات لنتمكن من التحقق من أي تحسن في النتائج وأيضا قابليته للاستمرار في السنوات القادمة. فعند تحليل الأداء، لا بد من الأخذ بالصورة كاملة وتحليل المؤشرات على فترات أطول للحصول على استنتاجات صحيحة. حيث من الممكن أن تؤدي مقارنة نقطتين فقط (سنتين) إلى نتائج خاطئة. فمثلا، قد يكون أداء سنة ٢٠١٨ جيدا بشكل استثنائي، أو قد يكون الأداء في ٢٠١٧ سيئا جدا بحيث أن أي تحسن طفيف في السنة اللاحقة يوهم بأنه تم تجاوز المشكلة (وأنا على ثقة بأن إدارة المرور تقوم بمثل هذا التحليل العميق).

بناء على ما سبق، نقوم هنا بمحاولة سريعة لتقييم الأداء بناء على المعلومات المتاحة وسنبدأ بعدد الوفيات المرورية لكل ١٠٠ ألف نسمة. يظهر التحليل انخفاض وفيات الطرق في قطر بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة حيث وصلت إلى ٥,٤ وفاة لكل ١٠٠ ألف نسمة، محققة بذلك هدف استراتيجية التنمية الوطنية الثانية ٢٠١٨-٢٠٢٢ (٦ وفيات لكل ١٠٠ ألف نسمة) قبل الوقت المحدد. وهي نتائج أفضل من المعدل العالمي.‎ 

عدد الوفيات لكل 100 ألف نسمة

عدد الوفيات لكل 100 ألف نسمة

‏المؤشر المهم الآخر هو عدد الإصابات البليغة لكل ١٠٠ ألف نسمة، وقد انخفضت بشكل طفيف فقط في السنوات الأخيرة، باستثناء سنة ٢٠١٨ حيث اقتربت النسبة من هدف استراتيجية التنمية الوطنية الثانية ٢٠١٨-٢٠٢٢ (٢٥ إصابة لكل ١٠٠ ألف نسمة). والسؤال هو هل يستمر هذا الانخفاض في السنوات القادمة أم يتذبذب.

عدد الإصابات البليغة لكل 100 ألف نسمة

عدد الإصابات البليغة لكل 100 ألف نسمة

يبدو إذا أن استراتيجية قطاع الأمن والسلامة العامة المتبعة حاليا فعالة في الخفض من معدل وفيات الطرق وتحقيق الأهداف. ولكن مطلوب استمرار العمل والتركيز في تخفيض الإصابات البليغة بالشكل المطلوب. وبالتالي، فالنتائج وإن كانت إيجابية إلا أنها ليست مطمئنة بشكل كامل في هذه المرحلة. بالإضافة إلى ذلك، حين يتعلق الأمر بالصحة والسلامة، فلا يجب الوصول لمرحلة الرضا عن النفس ويجب الحرص على التحسين المستمر، خاصة مع ازدياد أعداد السكان والمركبات. وقد أشارت استراتيجية التنمية الوطنية الثانية ٢٠١٨-٢٠٢٢ لهذه التحديات.

أما بالنسبة لحوادث منطقة سيلين، فهي وإن تشابهت مع حوادث الطرق في بعض الأوجه، إلا إنها تحتاج دراسة ومعالجة خاصة ولا يصح مقارنتها مع حوادث الطرق بشكل مباشر. وذلك لأن حوادث سيلين تنتج عن ممارسة هواية خطرة غير منظمة وتفتقر لشروط السلامة. بالإضافة لذلك، هذه الهواية رغم خطورتها هي متنفس لعدد من الشباب، والمنع الكلي قد ينقل المشكلة لمكان آخر. والسؤال هو هل المشكلة في الهواية نفسها أم في عدم ممارستها بشكل آمن؟

الجدير بالذكر هو قرار مجلس الوزراء بتشكيل لجنة تختص "بوضع خطة متكاملة لتطوير منطقة سيلين ورفع مستوى السلامة المرورية فيها وتجنب أية مخاطر بالمنطقة، مع دراسة المتطلبات والوسائل اللازمة لتحقيق ذلك." (حساب مجلس الشورى بتويتر.١٣ يناير ٢٠٢٠).

المصادر:

١. استراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر ٢٠١١-٢٠١٦.

٢. استراتيجية التنمية الوطنية الثانية لدولة قطر ٢٠١٨-٢٠٢٢.

٣. جريدة الشرق (١٠ فبراير ٢٠١٩).

٤. جريدة الراية (١ ديسمبر ٢٠١٠).

٥. منظمة الصحة العالمية.

٦. موقع جهاز التخطيط والإحصاء.